فصل: تفسير الآية رقم (17)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير ابن عبد السلام ***


تفسير الآية رقم ‏[‏94‏]‏

‏{‏قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ‏(‏94‏)‏‏}‏

‏{‏يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ‏}‏ من تأجج النار واختلفوا في تكليفهم، وهما من ولد يافث بن نوح، قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يموت الرجل ‏[‏منهم‏]‏ حتى يولد لصلبه ألف رجل» ‏{‏خَرْجاً‏}‏ إجرة و‏{‏خراجاً‏}‏ الغلة، أو الخراج ما خرج من الأرض، والخرج مصدر ما يخرج من المال، أو الخراج ما يؤخذ عن الأرض والخرج ما يؤخذ عن الرقاب، أو الخرج ما أخذ دفعة والخراج ما كان ثابتاً يؤخذ كل سنة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏95‏]‏

‏{‏قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ‏(‏95‏)‏‏}‏

‏{‏بِقُوَّةٍ‏}‏ بآلة، أو برجال ‏{‏رَدْماً‏}‏ حجاباً شديداً، أو سداً متراكباً بعضه على بعض‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏96‏]‏

‏{‏آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ‏(‏96‏)‏‏}‏

‏{‏زُبَرَ الْحَدِيدِ‏}‏ قطعه، أو فلقه، أو الحديد المجتمع ومنه الزبور لاجتماع حروفه ‏{‏الصَّدَفَيْنِ‏}‏ جبلان «ع»، أو رأسا جبلين، أو ما بين الجبلين إذا كانا متحاذيين من المصادفة في اللقاء، أو إذا انحرف كل واحد منهما عن الآخر كأنه صدف عنه فساوى بينهما بما جعله بينهما حتى وارى رؤوسهما وسوى بينهما ‏{‏انفُخُواْ‏}‏ في نار الحديد حتى إذا جعل الحديد ناراً أي كالنار في الحمى واللهب ‏{‏قِطْراً‏}‏ نحاساً، أو رصاصاً أو حديداً مذاباً، فكانت حجارته الحديد وطينه النحاس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏97‏]‏

‏{‏فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ‏(‏97‏)‏‏}‏

‏{‏يَظْهَرُوهُ‏}‏ يعلوه ‏{‏نَقْباً‏}‏ من أسفله، وهو وراء بحر الروم بين جبلين هناك مؤخرهما البحر المحيط، ارتفاعه مائتا ذراع، عرضه نحو خمسين ذراعاً، وهو حديد شبه المصمت، وذكر رجل للرسول صلى الله عليه وسلم أنه رآه فقال‏:‏ انعته لي، فقال‏:‏ هو كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء، قال‏:‏ قد رأيته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏98‏]‏

‏{‏قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ‏(‏98‏)‏‏}‏

‏{‏وَعْدُ رَبِّى‏}‏ القيامة، أو وقت خروجهم بعد قتل الدجال ‏{‏دَكَّآءَ‏}‏ أرضاً، أو قطعاً، أو انهدم حتى اندك بالأرض فاستوى معها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏99‏]‏

‏{‏وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ‏(‏99‏)‏‏}‏

‏{‏بَعْضَهُمْ‏}‏ القوم الذين ذكرهم ذو القرنين يوم فتح السد، أو الكفار يوم القيامة، أو الجن والإنس عند فتح السد ‏{‏يَمُوجُ‏}‏ يختلط، أو يدفع بعضهم بعضاً من موج البحر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏101‏]‏

‏{‏الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ‏(‏101‏)‏‏}‏

‏{‏سَمْعاً‏}‏ على ظاهره، أو عقلاً فلا يستطيعون سمعه استثقالاً، أو مقتاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏102‏]‏

‏{‏أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا ‏(‏102‏)‏‏}‏

‏{‏نُزُلاً‏}‏ طعاماً، أو منزلاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏103‏]‏

‏{‏قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ‏(‏103‏)‏‏}‏

‏{‏بِالأَخْسَرِينَ‏}‏ القسيسون والرهبان، أو اليهود والنصارى، أو الحرورية الخوارج، أو أهل الأهواء، أون من يصنع المعروف ويمن به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏105‏]‏

‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ‏(‏105‏)‏‏}‏

‏{‏وَزْناً‏}‏ أي لا قدر لهم، أو لخفتهم بالسفه والجهل صاروا ممن لا وزن له‏.‏ أو ذهبت المعاصي بوزنهم فلا يوازنون لخفتهم ‏[‏شيئاً‏]‏ أو لما حبط أعمالهم بالكفر صار الوزن عليهم لا لهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏107‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ‏(‏107‏)‏‏}‏

‏{‏الْفِرْدَوْسِ‏}‏ وسط الجنة وأطيب موضع فيها، أو أعلاها وأحسنها، أو بستانها، أو البستان الجامع لمحاسن كل بستان، أو كل بستان محوط فردوس، وهو عربي أو رومي، أو سرياني وبالنبطية فرداساً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏108‏]‏

‏{‏خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ‏(‏108‏)‏‏}‏

‏{‏حِوَلاً‏}‏ بدلاً، أو تحويلاً، أو حيلة منزل غيرها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏109‏]‏

‏{‏قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ‏(‏109‏)‏‏}‏

‏{‏كَلِمَاتُ رَبِّى‏}‏ وعده بالثواب والعقاب، أو ذكر ما خلق وما هو خالق، أو علم القرآن، عجز الخلق عن إحصاء معلوماته ومقدوراته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏110‏]‏

‏{‏قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ‏(‏110‏)‏‏}‏

‏{‏يَرْجُواْ‏}‏ يخاف، أو يأمل، أو يصدق به ‏{‏لِقَآءَ رَبِّهِ‏}‏ لقاء ثواب ربه، أو لقاءه بالبعث والوقوف بين يديه ‏{‏صَالِحاً‏}‏ خالصاً من الرياء، إو إذا لقي الله تعالى به لم يستحي منه، أو عمل الطاعة وترك المعصية ‏{‏بِعِبَادَةِ رَبِّهِ‏}‏ يريد بالرياء، أو الشرك بالأصنام، قيل نزلت في جندب بن زهير أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله إنا نعمل العمل نريد به وجه الله تعالى فيثنى به علينا فيعجبنا، وإني لأصلي الصلاة فأطولها رجاء أن يثنى بها عليَّ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إن الله تعالى يقول‏:‏ أنا خير شريك فمن شاركني في عمل يعمله لي أحداً من خلقي تركته وذلك الشريك» ونزلت هذه الآية فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل إنها آخر آية نزلت من القرآن والله تعالى أعلم‏.‏ والحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلامه، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل‏.‏

‏[‏سورة مريم‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏كهيعص ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏كهيعص‏}‏ اسم للسورة أو للقرآن أو لله تعالى أو استفتاح للسورة أو تفسير «لا إله إلا الله» من حروف الجُمَّل، الكاف عشرون، والهاء خمسة والياء عشرة، والعين سبعون، والصاد تسعون، كذلك عدد حروف لا إله إلا الله، أو حروف من حروف أسماء الرب، الكاف من كبير أو كافٍ أو كريم، والهاء من هادٍ، والياء من حكيم أو يمين أو أمين أو يا من يجيب من دعاه ولا يخيب من رجاه، أو يا من يجير ولا يجار عليه، قاله الربيع بن أنس، والعين من عزيز أو عالم أو عدل، والصاد من صادق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏خَفِيّاً‏}‏ لا رياء فيه، أو أخفاه لئلا يستهزأ به لبعد ما طلبه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏وَهَنَ‏}‏ ضعف وإذا وهن العظم مع قوته فوهن اللحم والجلد أولى، أو شكا ضعف البطش الذي يقع بالعظم دون اللحم ‏{‏وَاشْتَعَلَ‏}‏ شبه انتشار الشيب في الرأس بانتشار النار في الحطب‏.‏ ‏{‏شَقِيّاً‏}‏ خائباً، كنت لا تخيبني إذا دعوتك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏خِفْتُ الْمَوَالِىَ‏}‏ العصبة، أو الكلالة، أو بنو العم وكانوا شرار بني إسرائيل، سموا موالي لأنهم يلونه في النسب بعد الصلب، أو الأولياء أن يرثوا علمي دون نسلي، وخافهم على الفساد في الأرض، أو على نفسه في حياته، وعلى أسبابه بعد موته ‏{‏وَرَآءِى‏}‏ قدامي، أو بعد موتي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏يَرِثُنِى‏}‏ مالي ‏{‏وَيَرِثُ مِنْ ءَالِ يَعْقُوبَ‏}‏ النبوة، أو يرثهما العلم والنبوة، أو منه النبوة ومن آل يعقوب الأخلاق، أو يرث مني العلم ومن آل يعقوب الملك، فأجيب إلى وراثة العلم دون الملك، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما روي عن الرسول صلى الله عليه سلم قال‏:‏ «يرحم الله زكريا ما كان عليه من ورثة» ‏{‏رَضِيّاً‏}‏ مرضي الأخلاق والأفعال، أو راضياً بقضائك وقدرك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏نُبَشِّرُكَ‏}‏ بإجابة الدعوة، وإعطاء الولد، وتفرد الرب عز وجل بتسميته اختصاصاً له واصطفاء، سمي يحيى، لأنه حَيَ بين شيخ وعجوز‏.‏ ‏{‏سَمِيّاً‏}‏ لم تلد العواقر مثله فلا مثل له ولا نظير، أو لم نجعل لزكريا قبل يحيى ولداً، أو لم نُسمِّ أحداً قبله باسمه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏عَاقِراً‏}‏ لا تلد؛ لأنها تعقر النسل أي تقطعه، أو لعقر رحمها للمني وإفساده وسأل عن أن الولد يأتيهما شابين أو شيخين‏.‏ ‏{‏عِتِيّاً‏}‏ يسباً وجفافاً، أو نحول العظم، أو سناً‏.‏

قال‏:‏

إنما يُعذر الوليد ولا يُع *** ذر من كان في الزمان عتيا

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏ءَايَةً‏}‏ دالة على الحمل، أو على أن البُشرى من الله دون إبليس لأن الشيطان أوهمه ذلك، قاله الضحاك ‏{‏ثَلاثَ لَيَالٍ‏}‏ اعتقل لسانه ثلاثاً من غير مرض ولا خرس عن كلام الناس دون ذكر الله تعالى ‏{‏سَوِيّاً‏}‏ صحيحاً من غير خرس، أو يرجع إلى الليالي أي متتابعات‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏فَخَرَجَ‏}‏ أشرف على قومه‏.‏ ‏{‏مِنَ الْمِحْرَابِ‏}‏ المصلى، أو ما ينصب ليصلى بإزائه لأن المصلي كالمحارب للشيطان، أو من مجلس الأشراف الذي يحارب دونه ذباً عن أهله فكأن الملائكة تحارب عن المصلي ذباً عنه‏.‏

‏{‏فَأَوْحَى‏}‏ أومى، أو أشار، أو كتب على الأرض، والوحي الكتابة قال‏:‏

كأن أخا اليهود يخط وحياً *** بكاف من منازلها ولام

‏{‏سَبِّحُواْ‏}‏ صلوا سميت به لاشتمالها على التسبيح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏خُذِ الْكِتَابَ‏}‏ قاله زكريا عليه الصلاة والسلام ليحيى حين نشأ، أو قاله الله تعالى حين بلغ، والكتاب‏:‏ التوراة، أو صحف إبراهيم‏.‏ ‏{‏بِقُوَّةٍ‏}‏ بجد واجتهاد، أو بامتثال الأمر واجتناب المناهي‏.‏ ‏{‏الْحُكْمَ‏}‏ اللب، أو الفهم، أو العلم أو الحكمة، قال له الصبيان‏:‏ اذهب بنا نلعب فقال‏:‏ ما للعب خُلقت قيل كان ابن ثلاث سنين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏وَحَنَاناً‏}‏ رحمة‏.‏ قال‏:‏

أبا منذر فاستبق بعضنا *** حنانيك بعض الشر أهون من بعض

أو تعطفاً، أو محبة، أو بركة أو تعظيماً، أو آتيناه تحنناً على العباد‏.‏ ‏{‏وَزَكَاةً‏}‏ عملاً زاكياً، أو صدقة به على والديه، أو زكيناه بثنائنا عليه‏.‏ ‏{‏تَقِيّاً‏}‏ مطيعاً، أو براً بوالديه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏انتّبَذَتْ‏}‏ انفردت، أو اتخذت، ‏{‏شَرْقِيّاً‏}‏ جهة المشرق فاتخذتها النصارى قبلة أو مشرقة الدار التي تظلها الشمس، أو مكاناً بعيداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏حِجَاباً‏}‏ من الجدران، أو من الشمس جعله الله تعالى لها ساتراً قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو حجاباً من الناس، انفردت في ذلك المكان للعبادة، أو كانت تعتزل فيه أيام حيضها‏.‏ ‏{‏رُوحَنَا‏}‏ الروح الذي خُلق منها المسيح حتى تمثل بشراً، أو جبريل عليه السلام لأنه روحاني لا يشوبه غير الروح، أو لحياة الأرواح به، فنفخ جبريل عليه السلام في جيب درعها وكمها فحملت، أو ما كان إلا أن حملته فولدته، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وكان حملها تسعة أشهر، أو ستة أشهر، أو يوماً واحداً، أو ثمانية أشهر، ولم يعش لثمانية سواه آية له‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏تَقِيّاً‏}‏ اسم رجل إسرائيلي مشهور بالعهر، لما دنا منها جبريل عليه السلام خافت فاستعاذت من ذلك العاهر، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أو إن كنت تقياً لله امتنعت خوفاً من استعاذتي به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَجَآءَهَا‏}‏ ألجأها، أو جاء بها‏.‏ ‏{‏يَالَيْتَنِى مِتُّ‏}‏ تمنت الموت حياء من التهمة، أو لئلا يأثم الناس بقذفها، أو لأنها لم تر في قومها رشيداً ذا فراسة يبرئها من السوء‏.‏ ‏{‏نسياً منسياً‏}‏ لم أخلق، أو لا يدري من أنا، أو سقطاً، أو إذا ذكرت لم أُطلب، والنسي ما أُغفل من شيء حقير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏فَنَادَاهَا‏}‏، جبريل، أو عيسى ‏{‏مِن تَحْتِهَآ‏}‏ من مكان أسفل من مكانها، أو من بطنها بالقبطية ‏{‏سَرِيّاً‏}‏ عيسى، السروات‏:‏ الأشراف، أو السري النهر بالنبطية أو العربية من السراية لأن الماء يسري فيه، قيل يطلق السري على ما يعبره الناس من الأنهار وثباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏النَّخْلَةِ‏}‏ برنية، أو عجوة، أو صرفانة أو قريناً ولم يكن لها رأس وكان الشتاء فجعلت آية، قيل اخضرت وحملت ونضجت وهي تنظر ‏{‏جَنِيّاً‏}‏ مترطب البسر، أو الذي لم يتغير، أو الطري بغبار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏فَكُلِى‏}‏ الجني ‏{‏وَاشْرَبِى‏}‏ من السري ‏{‏وَقَرِّى عَيْناً‏}‏ بالولد، طيبي نفساً، أو لتسكن عينك سروراً أو لتبرد عينك سروراً، دمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة ‏{‏صَوْماً‏}‏ صمتاً أو صوماً عن الطعام والشراب وصمتاً عن الكلام، تركت الكلام ليتكلم عنها ولدها ببراءتها، أو كان من صام لا يكلم الناس فأُذن لها في هذا القدر من الكلام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏فَرِيّاً‏}‏ قبيحاً من الافتراء، أو عجيباً، أو عظيماً، أو باطلاً، أو متصنعاً من الفرية وهي الكذب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏يَا أُخْتَ هَارُونَ‏}‏ لأبويه أو نسبت إلى رجل صالح كان أسمه هارون تنسب إليه من تعرف بالصلاح مروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو نسبت إلى هارون أخي موسى لأنها من ولده كما يقال‏:‏ يا أخا بني فلان أو كان رجلاً معلناً بالفسق فنسبت إليه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَشَارَتْ‏}‏ إلى الله تعالى فلم يفهموا إشارتها، أو إلى عيسى على الأظهر ألهمها الله تعالى ذلك بأنه سيبرئها، أو أمرها به ‏{‏مَن كَانَ‏}‏ صلة، أو بمعنى يكون ‏{‏الْمَهْدِ‏}‏ سرير الطفل، أوة حجرها غضبوا لما أشارت إليه وقالوا‏:‏ لسخريتها بنا أعظم من زناها، فلما تكلم قالوا‏:‏ إنَّ هذا لأمر عظيم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏ءَاتَانِىَ‏}‏ سيؤتيني ‏{‏وَجَعَلَنِى‏}‏ سيجلعني، أو كان وقت كلامه في المهد نبياً كامل العقل، قاله الحسن رضي الله تعالى عنه وكلمهم وهو ابن أربعين يوماً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏مُبَارَكاً‏}‏ نفّاعاً، أو معلماً للخير، أو عارفاً بالله تعالى داعياً إليه، أو آمراً بالعُرْف ناهياً عن المنكر‏.‏ ‏{‏بِالْصَّلاةِ‏}‏ ذات الركوع والسجود، أو الدعاء ‏{‏وَالزَّكَاةِ‏}‏ للمال، أو التطهير من الذنوب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏جَبَّاراً‏}‏ جاهلاً بأحكامه ‏{‏شَقِيّاً‏}‏ متكبراً عن عبادته، أو الجبار الذي لا ينصح والشقي الذي لا يقبل النصح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏وَالْسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ‏}‏ السلامة لي في الدنيا وفي القبر وفي البعث، لأن له أحوالاً ثلاثة‏:‏ حياة الدنيا والموت مقبوراً والبعث فسلم في هذه من الأحزان، أو سلم في الولادة من همزة الشيطان إذ لا مولود إلا يهمزه ‏{‏وَيَوْمَ أَمُوتُ‏}‏ سلامته من ضغطة القبر لأنه غير مدفون في الأرض، ويوم البعث‏:‏ يحتمل سلامته من العرض والحساب‏.‏ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه ثم انقطع كلامه حتى بلغ مبلغ الغلمان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏الْحَقِّ‏}‏ الله، أو عيسى سماه حقاً، لأنه جاء بالحق، أو القول الذي قاله عيسى من قبل ‏{‏يَمْتَرُونَ‏}‏ يشكون، أو يختلفون فتقول فرقة هو الله وأخرى هو ابن الله وأخرى هو ثالث ثلاثة هذا قول النصارى، وقال المسلمون‏:‏ عبد الله ورسوله، وقالت اليهود‏:‏ لغير رشدة عند من قرأ تمترون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ‏}‏ اليوم كيف يصنع بهم يوم القيامة، أو عجبه من سماعهم وإبصارهم في الآخرة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏قَضَى أَمْراً‏}‏ بعذابهم يوم البعث، أو قضي بانقطاع توبتهم وتحقق الوعيد يوم الموت‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏لأَرْجُمَنَّكَ‏}‏ بالذم والسب، أو بالأحجار لتبعد عني‏.‏ ‏{‏مَلِيّاً‏}‏ دهراً طويلاً مؤبداً، أو سوياً سليماً من عقوبتي، أو غنياً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏سَلامٌ‏}‏ توديع وهجر، أو سلام‏:‏ إكرام وبر، قابل جفوته بالإحسان رعاية لحق الأبوة وهو أظهر ‏{‏سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ‏}‏ إن تركت عبادة الأوثان، أو أدعو لك بالهُدى المقتضي للغفران ‏{‏حَفِيّاً‏}‏ مقرباً، أو مكرماً، أو رحيماً، أو عليماً، أو متعهداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏لِسَانَ صِدْقٍ‏}‏ ثناء جميلاً، أو جعلناهم كراماً على الله تعالى اللسان بمعنى الرسالة‏.‏ قال‏:‏

أتتني لسان بني عامر *** أحاديثها بعد قول نكر

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏الطُّورِ الأَيْمَنِ‏}‏ جبل بالشام نودي من يمين الجبل، أو من يمين موسى ‏{‏وَقَرِّبْنَاهُ نَجِيّاً‏}‏ قرب من المكان الذي شرفه فيه وعظمه ليسمع كلامه، أو قربه من أعلى الحجب حتى سمع صريف القلم، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنه وقال غيره سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة، أو قربه باصطفائه واجتبائه ‏{‏نَجِيّاً‏}‏ ناجاه من النجوى التي لا يكون إلا في خلوة، أو رفعه بعد التقريب من النجوة وهي الارتفاع، أو نجاه بصدقه مأخوذ من النجاة، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لم يبلِّغ موسى من الكلام الذي ناجاه به شيئاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏صَادِقَ الْوَعْدِ‏}‏ وعد رجلاً أن ينتظره فانتظره ثلاثة أيام أو اثنين وعشرين يوماً أو حولاً كاملاً قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏أَهْلَهُ‏}‏، قومه، أو أهله يبدأ بهم، وهو إسماعيل بن إبراهيم عند الجمهور، أو إسماعيل بن حزقيل بعثه الله تعالى إلى قومه فسلخوا جلدة رأسه فخيره الله تعالى فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ورضي بثوابه وفوض أمرهم إليه في عفوه وعقوبته لأن إسماعيل مات قبل أبيه إبراهيم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ‏(‏56‏)‏‏}‏

‏{‏إِدْرِيسَ‏}‏ أو من أعطي النبوة وأول من خط بالقلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏57‏]‏

‏{‏وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ‏(‏57‏)‏‏}‏

‏{‏وَرَفَعْنَاهُ‏}‏ إلى السماء الرابعة، أو السادسة وهو في السماء حي لم يمت كعيسى، أو مات في السماء وهو فيها ميت، أو مات بين الرابعة والخامسة وهو أول من اتخذ السلاح، وجاهد في سبيل الله تعالى وقتل بني قابيل وأول من وضع الوزن والكيل وأثار علم النجوم، وأول من لبس الثياب وإنما كانوا يلبسون الجلود‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏وَبُكِيّاً‏}‏ سجودهم رغبة وبكاؤهم رهبة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏خَلْفٌ‏}‏ بالسكون إذا خلفه من ليس من أهله وبالفتح إذا كان من أهله، أو بالسكون في الذم وبالفتح في الحمد ‏{‏مِن بَعْدِهِمْ‏}‏ اليهود بعد متقدمي الأنبياء، أو المسلمون بعد النبي صلى الله عليه وسلم من عصر الصحابة إلى قيام الساعة، أو من بعد عصر الصحابة قال الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ «يكون بعد الستين خلف أضاعوا الصلاة» الآية ‏{‏أَضَاعُواْ الصَّلاةَ‏}‏ بتركها، أو تأخيرها عن وقتها ‏{‏غَيّاً‏}‏ وادٍ في جهنم أو خسراناً، أو ضلالاً عن الجنة، أو شراً أو خيبة

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏ *** ومن يغوِ لا يعدم‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

أي يخب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏لَغْواً‏}‏ كلاماً فاسداً، أو خُلفاً ‏{‏سَلاماً‏}‏ سلامة، أو تسليم الملائكة عليهم ‏{‏بُكْرَةً وَعَشِيّاً‏}‏ كان يعجبهم إصابة الغذاء والعشاء فأُخبروا أن ذلك في الجنة، أو أراد مقدار البكرة والعشي من أيام الدنيا، قيل‏:‏ يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وغلق الأبواب، ومقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏64‏]‏

‏{‏وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ‏(‏64‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا نَتَنَزَّلُ‏}‏ موضعاً من الجنة إلا بأمر الله تعالى من كلام أهل الجنة، أو نزلت لما أبطأ جبريل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة فلما أتاه قال‏:‏ «لقد غبت حتى ظن المشركون كل ظن»، ‏{‏مَا بَيْنَ أَيْدِينَا‏}‏ الدنيا ‏{‏وَمَا خَلْفَنَا‏}‏ الآخرة ‏{‏وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ‏}‏ ما بين النفختين، أو ما مضى من الدنيا ‏{‏وَمَا خَلْفَنَا‏}‏ ما يكون بعدنا من الدنيا والآخرة ‏{‏وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ‏}‏ ما بين ما مضى من قبل وما يكون من بعد ‏{‏نَسِيّاً‏}‏ ذا نسيان، أو ما نسيك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏سَمِيّاً‏}‏ مثلاً من المساماة، أو من يُسمى الله أو لا يستحق اسم الإله غيره، أو ولداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏جَهَنَّمَ‏}‏ اسم للنار أو لأعمق موضع فيها كالفردوس اسم لأعلى الجنة ‏{‏جِثِيّاً‏}‏ جماعات، أو بروكاً على الركب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏شِيعَةٍ‏}‏ الشيعة‏:‏ الجماعة المتعاونون، الأمة شيعة لاجتماعهم وتعانهم‏.‏ ‏{‏لَنَنزِعَنَّ‏}‏ لنبدأن أو لنستخرجن ‏{‏عِتِيّاً‏}‏ افتراء بلغة تميم، أو جرأة أو كفراً، أو تمرداً، أو معصية‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏70‏]‏

‏{‏ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا ‏(‏70‏)‏‏}‏

‏{‏صِلِيّاً‏}‏ دخولاً أو لزوماً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏وَارِدُهَا‏}‏ الحمى والأمراض، عاد الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً ثم قال‏:‏ «إن الله تعالى يقول‏:‏ هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من النار في الآخرة»، أو جهنم يردها الكفار خاصة، انتقل من معاتبتهم إلى خطابهم، أو عامة في المؤمن والكفار يردانها فتمس الكافر دون البر، أو يردها المؤمن بمروره عليها ونظره إليها سروراً بما أنجاه الله تعالى منه ‏{‏وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 23‏]‏ ‏{‏حَتْماً‏}‏ قضاء مقضياً، أو قسماً واجباً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏مَّقَاماً‏}‏ منزل إقامة في الجنة أو النار، أو كلاماً قائماً بحجة معناه، من فلجت حجته خير أم من دحضت حجته‏.‏ ‏{‏نَدِيّاً‏}‏ أفضل مجلساً أو أوسع عيشاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏74‏]‏

‏{‏وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏أَثَاثَاً‏}‏ متاعاً ‏{‏وَرِءْياً‏}‏ منظراً «ع» أو الجديد من ثياب البيت، والريّ الارتواء من النعمة، أو ما لا يراه الناس والرئي ما يرونه، أو أكثر أموالاً وأحسن صوراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏76‏]‏

‏{‏وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا ‏(‏76‏)‏‏}‏

‏{‏وَيَزِيدُ اللَّهُ‏}‏ يزيدهم هدى بالمعونة على الطاعة والتوفيق لمرضاته، أو الإيمان بالناسخ والمنسوخ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

‏{‏أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا ‏(‏77‏)‏‏}‏

‏{‏لأُوتَيَنَّ مَالاً‏}‏ نزلت في العاص بن وائل، أو في الوليد بن المغيرة، ‏{‏لأُوتَيَنَّ‏}‏ في الدنيا على قول الجمهور، أو في الجنة استهزاء منه ‏{‏وَوَلَداً‏}‏ وُوْلدا واحد كعُدْم وَعَدم، أو بالضم جمع وبالفتح واحد لغة قيس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏78‏]‏

‏{‏أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ‏(‏78‏)‏‏}‏

‏{‏عَهْداً‏}‏ عملاً صالحاً، أو قولاً عهد به الله إليه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏80‏]‏

‏{‏وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا ‏(‏80‏)‏‏}‏

‏{‏وَنَرِثُهُ‏}‏ نسلبه ما أعطيناه في الدنيا من مال وولد، أو نحرمه ما تمناه منهما في الآخرة ‏{‏فَرْداً‏}‏ بلا مال ولا ولد، أو بلا ولي ولا ناصر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏82‏]‏

‏{‏كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا ‏(‏82‏)‏‏}‏

‏{‏سَيَكْفُرُونَ‏}‏ سيجحد العابدون عبادتهما لما رأوا من سوء عاقبتها، أو يكفر المعبود بالعابد ويكذبه ‏{‏ضِدّاً‏}‏ عوناً في الخصومة، أو بلاء أو أعداء أو قرناء في النار يلعنونهم، أو على ضد ما أمَّلوه فيهم «ح»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏83‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ‏(‏83‏)‏‏}‏

‏{‏تَؤُزُّهُمْ‏}‏ تزعجهم إلى المعاصي، أو تغويهم أو تغريهم بالشر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏نَعُدُّ لَهُمْ‏}‏ أعمالهم، أو أيام حياتهم، أو مدة انتظارهم إلى الانتقام منهم بالسيف والجهاد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏85‏]‏

‏{‏يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا ‏(‏85‏)‏‏}‏

‏{‏وَفْداً‏}‏ ركباناً، أو جماعة، أو زواراً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏86‏]‏

‏{‏وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا ‏(‏86‏)‏‏}‏

‏{‏وِرْداً‏}‏ مشاة، أو عطاشاً من ورود الإبل عطاشاً، أو أفراداً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏87‏]‏

‏{‏لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا ‏(‏87‏)‏‏}‏

‏{‏عَهْداً‏}‏ وعداً من الله تعالى، أو إيماناً به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏89‏]‏

‏{‏لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ‏(‏89‏)‏‏}‏

‏{‏إِدّاً‏}‏ منكراً، أو عظيماً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏96‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ‏(‏96‏)‏‏}‏

‏{‏وُدّاً‏}‏ محبة في الدنيا من الأبرار وهيبة عند الفجار، أو يحبهم الله تعالى ويحببهم إلى الناس، قال «ع» نزلت في علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏97‏]‏

‏{‏فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا ‏(‏97‏)‏‏}‏

‏{‏لُّدّاً‏}‏ فجاراً، أو أهل لجاج وخصام من اللدود للزومهم الخصام كما يحصل اللدود في الأفواه أو الجدل في الباطل من اللدد وهو شدة الخصومة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏98‏]‏

‏{‏وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ‏(‏98‏)‏‏}‏

‏{‏رِكْزاً‏}‏ صوتاً، أو حساً، أو ما لا يفهم من صوت أو حركة‏.‏

‏[‏سورة طه‏]‏

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏طه ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏طه‏}‏ اسم لله تعالى أقسم به‏.‏ أو اسم للسورة أو اختصار كلام خص الرسول صلى الله عليه وسلم بعلمه، أو حروف يدل كل حرف منها على معنى، أو طوبى لمن اهتدى، أوطأ الأرض بقدميك ولا تقم على أحدهما في الصلاة، أو يا رجل بلغة عك، أوطيء، أو بالنبطية‏.‏

إن السفاهة طه من خليقتكم *** لا قدس الله أرواح الملاعين

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏لِتَشْقَى‏}‏ بالتعب والسهر في قيام الليل، أو بالأسف والحزن على كفرهم، أو جواب لهم لما قالوا‏:‏ إنه بالقرآن شقي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏تَذْكِرَةً‏}‏ إنذرراً لمن يخشى الله، أو زجراً لمن يتقي الذنوب والخوف ما ظهرت أسبابه، والخشية ما لم تظهر أسبابه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ‏}‏ ملكهما، أو تدبيرهما، أو علم ما فيهما ‏{‏الثَّرَى‏}‏ كل شيء مبتل، أو التراب عند الجمهور، والذي تحته‏:‏ ما واراه التراب في بطن الأرض أو الصخرة الخضراء التي تحت الأرض السابعة وهي سجين التي فيها كتاب الفجار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏السِّرَّ‏}‏ ما ساررت به غيرك، ‏{‏وَأَخْفَى‏}‏ ما أضمرته ولم تحدث به «ع» أو ما أضمرته في نفسك وأخفى ما لم يكن ولا أضمره أحد في نفسه، أو أسرار عباده وأخفى سر نفسه عن خلقه، أو ما أسره الناس وأخفى الوسوسة أو ما أسره من علمه ‏[‏و‏]‏ عمله السالف، وأخفى‏:‏ ما يعمله في المستأنف، أو العزيمة، وأخفى الهم دون العزيمة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى‏}‏ باصطفائه للنبوة وتحميله للرسالة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏رَءَا نَاراً‏}‏ في ظنه وهي نور عند الله، وكانت ليلة الجمعة في الشتاء ‏{‏امْكُثُواْ‏}‏ أقيموا، أو الإقامة تدوم والمكث لا يدوم ‏{‏ءَانَسْتُ‏}‏ أبصرت، أو آنست بنار ‏{‏هُدىً‏}‏ هادياً يهديني على الطريق، أو علامة استدل بها على الطريق، وكانوا قد ضلوا عن الطريق، فأقاموا بمكانهم ‏[‏بعد ذهاب موسى‏]‏ ثلاثة أيام فمر بهم راعي القرية فأخبرهم بمسير موسى عليه الصلاة والسلام فعادوا مع الراعي إلى قريتهم وأقاموا بها أربعين سنة حتى أنجز موسى أمر ربه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ‏}‏ لتباشر بقدميك بركة الوادي، أو لأنهما من جلد حمار ميت فخلعهما ورمى بهما وراء الوادي ‏{‏الْمُقَدَّسِ‏}‏ المبارك ن أو المطهر ‏{‏طُوىً‏}‏ اسم للوادي، أو لأنه مَرَّ به ليلاً فطواه «ع»، أو لأنه نودي به مرتين، طوى في كلامهم بمعنى مرتين، لأن الثانية كالمطوية على الأولى، أو لأن الوادي قدس مرتين، أوطأ الوادي بقدميك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏لِذِكْرِى‏}‏ لتذكرني فيها، أو لا تدخل فيها إلا بذكر، أو حين تذكرها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏أُخْفِيهَا‏}‏ لا أظهر عليها أحداً فيكون «أكاد» بمعنى أريد، أو أُخفيها من نفسي «ع» مبالغة في تبعيد إعلامه بها، أو أخفيها أظهرها أخفيته كتمته وأظهرته من الأضداد، وأسررته كتمته وأظهرته أيضاً، أو المعنى آتية‏:‏ أكاد آتي بها فحذف للعلم به ثم استأنف ‏{‏أُخْفِيهَا لِتُجْزَىَ كُلُّ نَفْسٍ‏}‏ قال‏:‏

هممت ولم أفعل وكدت وليتني *** تركت على عثمان تبكي حلائله

أي وكدت أقتله‏.‏ ‏{‏بِمَا تَسْعَى‏}‏ من خير أو شر، أقسم أنه يأتي بها للجزاء، أو أخبر بذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏فَتَرْدَى‏}‏ فتشقى، أو تزل‏.‏

تفسير الآيات رقم ‏[‏17 - 18‏]‏

‏{‏وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ‏(‏17‏)‏ قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا تِلْكَ‏}‏ سؤال تقرير وجوابه ‏{‏هِىَ عَصَاىَ‏}‏ ولكنه أضافها إلى ملكه ليكفي الجواب إن سئل عنها ثم ذكر احتياجه إليها لئلا يكون عابثاً بحملها ‏{‏وَأَهُشُ‏}‏ أخبط ورق الشجر، والهش والهس واحد، أو المعجم خبط الشجر، وغير المعجم زجر الغنم ‏{‏مَآرِبُ‏}‏ حاجات نص على لوازم الحاجات وكنى عن عارضها من طرد السباع، أو قدح النار واستخراج الماء أو كانت تضيء له بالليل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏جَنَاحِكَ‏}‏ عضدك، أو جنبك، أو جيبك عبّر عنه بالجناح لأنه مائل في جهته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏عُقْدَةً‏}‏ من الجمرة التي ألقاها في فمه صغيراً، أو حدثت عند مناجاته ربه فلا يكلم غيره إلا بإذنه، أو استحياؤه من الله تعالى أن يكلم غيره بعد مناجاته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏أَزْرِى‏}‏ الظهر من موضع الحقوين، أو يكون عوناً يستقيم به أمري وكان هارون أكبر منه بثلاث سنين، «وأكثر لحماً وأتم طولاً وأبيض جسماً وأفصح لساناً ومات قبل موسى بثلاث سنين» وكان بجبهته شامة وعلى أرنبة أنف موسى شامة، وعلى طرف لسانه شامة «لم تكن على أحد من قبله ولا تكون على أحد بعده قيل إنها سبب العقلة في لسانه»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏مَحَبَّةً مِّنِّى‏}‏ حببتك إلى عبادي، أو حسناً وملاحة، أو رحمتي، أو من رآك أحبك حتى أحبك فرعون فخلصت منه، وأحبتك آسية بن مزاحم فتبنتك ‏{‏وَلِتُصْنَعَ‏}‏ لتغذى على اختياري، أو تصنع بك أمك ما صنعت في اليم بعيني ومشاهدتي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏فُتُوناً‏}‏ اختباراً حتى صلحت للرسالة، أو بلاء بعد بلاء خلصناك من محنة بعد محنة، أولها حملته أمه في سنة الذبح، ثم أُلقي في اليم ثم مُنع الرضاع إلا من ثدي أمه، ثم جر بلحية فرعون فهم بقتله فتناول الجمرة بدل الدرة فتركه، ثم جاءه رجل يسعى بما عزموا عليه من قتله «ع» أو أخلصناك إخلاصاً ‏{‏عَلَى قَدَرٍ‏}‏ موعد، أو قدر من النبوة والرسالة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏لِنَفْسِى‏}‏ لمحبتي، أو لرسالتي‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏وَلا تَنِيَا‏}‏ تفترا في أمري، أو تضعفا في رسالتي، أو تبطئا «ع»، أو لا تزالا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏لَّيِّناً‏}‏ لطيفاً رفيقاً، أو كنياه وكنيته أبو مرة أو أبو الوليد قيل كان لحسن تربية موسى فجعل الله تعالى رفقه به مكافأة له لما عجز موسى عنه مكافأته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏يَفْرُطَ‏}‏ يعجل، أو يعذبنا عذاب الفارط في الذنب وهو المتقدم فيه، أفرط إذا أكثر من الشيء وَفَرطَ إذا نقص منه ‏{‏أَوْ أَن يَطْغَى‏}‏ يقتلنا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏كُلَّ شَىْءٍ‏}‏ زوجه من جنسه ثم هداه لنكاحه، أو صورته ثم هداه إلى معيشته وطعامه وشرابه، أو ما يصلحه ثم هداه له‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏الْقُرُونِ‏}‏ «القرن‏:‏ أهل كل عصر لاقترانهم فيه، أو أهل كل عصر فيه نبي، أو طبقة عالية من العلم لاقترانهم بأهل العلم»، قاله الزجاج، سأله عنهم هل كانوا على مثل ما يدعوا إليه، أو بخلافه، أو ذكره دفعاً للجواب وقطعاً لما دعا إليه وعنتاً، أو سأل عن بغيهم للجزاء، أو لما دعاه إلى الإيمان بالبعث قال‏:‏ فما بال القرون لم يبعثوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏فِى كِتَابٍ‏}‏ اللوح المحفوظ ‏{‏لا يَضِلُّ رَبِّى‏}‏ لا يخطىء فيه ولا يتركه أو لا يضل الكتاب عن ربي ولا ينسى ربي ما في الكتاب «ع» ولم يكن موسى يعلم علم القرون لأن التوراة إنما نزلت بعد هلاك فرعون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏النُّهَى‏}‏ الحكم أو العقل، أو الورع لأنه يُنتهى إلى رأيهم، أو لأنهم ينهون النفس عن القبيح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى ‏(‏56‏)‏‏}‏

‏{‏ءَايَاتِنَا‏}‏ الدالة على التوحيد، أو على نبوة موسى صلى الله عليه وسلم‏.‏ ‏{‏فَكَذَّبَ‏}‏ الخبر ‏{‏وَأَبَى‏}‏ الطاعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏سُوىً‏}‏ منصفاً بينهم، أو عدلاً وسطاً، أو مستوياً يتبين للناس ما بيننا فيه، وسوى بالضم والكسر واحد، أو بالضم المنصف وبالكسر العدل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمُ الزِّينَةِ‏}‏ عيد كان لهم، أو يوم السبت، أو عاشوراء، أو يوم سوق كانوا يتزينون فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏لا تَفْتَرُواْ‏}‏ بسحركم، أو بقولكم إني ساحر ‏{‏فَيُسْحِتَكُم‏}‏ يستأصلكم بالهلاك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْرَهُم‏}‏ فما هيؤوه من الحبال والعصي، أو أيهم يبدأ بالإلقاء‏.‏ ‏{‏النَّجْوَى‏}‏ قولهم‏:‏ إن كان ساحراً فسنغلبه وإن كان من السماء فله أمره، أو لما قال‏:‏ ‏{‏وَيْلَكُمْ‏}‏ الآية، قالوا ما هذا كلام ساحر، أو أسروها دون موسى وهارون ‏{‏إِنَّ هذان لساحران‏}‏ الآيات، أو قالوا‏:‏ إن غلبنا موسى اتبعناه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ هذان‏}‏ رفع الاثنين ونصبهما وخفضهما بالألف على لغة بلحارث بن كعب وكنانة وزبيد، قال‏:‏

فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى *** مساغاً لناباه الشجاع لصمما

إن أباها وأبا أباها *** قد بلغا في المجد غايتاها

أو تقديره «إنه هذان» فحذف الهاء وإن لم تكن هذه اللغة فصحى فيجوز ورود القرآن بالأفصح وبما عداه قاله متقدمو النحاة أو هذان مبني كبناء الذين لا يتغير في أحوال الإعراب، أو إن بمعنى نعم‏.‏

ويقلن شيب قد علا *** ك وقد كبرت فقلت إنه

وهو قول السحرة، أو قول فرعون أشير به إلى جماعة، أو قول قومه‏.‏ ‏{‏بِطَرِيقَتِكُمُ‏}‏ أهل العقل والشرف والأسنان، أو بنو إسرائيل كانوا ذوي عدد ويسار، أو بسيرتكم، أو بدينكم وعبادتكم لفرعون، أو بأهل طريقتكم المثلى، والمثلى تأنيث الأمثل وهو الأفضل‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏64‏]‏

‏{‏فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى ‏(‏64‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ‏}‏ أجمعوا جماعتكم على أمرهم في كيد موسى وهارون، أو أحكموا أمركم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏66‏]‏

‏{‏قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ‏(‏66‏)‏‏}‏

‏{‏بَلْ أَلْقُواْ‏}‏ إنما أمر بذلك لإظهار حجته وبطلان كيدهم وإلا فهو كفر لا يجوز الأمر به، أو هو خبر بصيغة الأمر تقديره «إن كان إلقاؤكم حجة فألقوا»‏.‏ وكانوا سبعين ألف ساحر أو تسعمائة ثلاثمائة من العريش وثلاثمائة من الفيوم ويشكون في الثلاثمائة من الإسكندرية، أو اثنين وسبعين اثنان من القبط وسبعون من بني إسرائيل، كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَوْجَسَ‏}‏ فأسر ‏{‏خِيفَةً‏}‏ أن يلتبس الأمر على الناس فيظنوا أن الذي فعلوه مثل فعله، أو وجد ما هو مركوز في الطباع من الحذر‏.‏